ما هو رأي الإمام حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟
الجواب:
من أكثر الكلمات استخداماً في أعمال الإمام الخميني(قدس سره) التي استخدمها بكثرة في مختلف أعماله ومؤلفاته بما فيها الفلسفية والعرفانية والأخلاقية والفقهية والسياسيةكلمة الحق، الحقوق ومشتقات وأضافات من جذر كلمة (حق) حيث استخدمت هذه الكلمة 23731 مرة في 173 شكل مختلف. وهذا الأمر دليل على النضج في الرؤية القانونية لديه بالنسبة لمختلف المواضيع. من خلال إجراء دراسة لهذه الكلمات يبدو أن حقوق الإنسان وحقوق النساء وحقوق الأطفال وحتى حقوق الحيوانات كانت لها مكانة مرموقة في فكره (قدس سره) وكان يرحب أيضاً بكل حركة تسعى لتحقيق تلك الحقوق حتى وإن كانت نابعة عن أشخاص غير متدينين. لذلك فقد أيّد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من حيث المبادئ واعتبر ذلك خطوة مهمة وكبيرة على طريق إصلاح سلوك مسؤولي الحكومات، مع تحفظين.
الأول أن بعض مضامين هذا الإعلان يمكن أن تتعارض مع بعض الأحكام الشرعية وعلى علماء العالم الإسلامي أن يبذلوا جهودهم لتوافقها مع هذه الأحكام. بالطبع لم يقم الإمام ببيان وتوضيح المعنى بشكل واضحٍ بل يمكن استشفاف هذا الأمر من خلال دراسة أعماله في هذا المجال.
والآخر أنه كان يرى أن تمسك القوى العظمى بحقوق الإنسان هو في سبيل إضفاء المشروعية لنفسها للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الإسلامية والدول الضعيفة. كان يؤمن بأن موضوع حقوق الإنسان ليس لديه أية موضوعية بشكل جدي لدى هذه القوى بل كان مجرد مسوغ لها للوصول إلى أهدافها. في الوقت الذي كان يوجه فيه الإمام انتقادات لاذعة للمنظمات الدولية التي كانت تُعنى بمواضيع متعلقة بحقوق الإنسان، كان يأمل أن تؤدي هذه الانتقادات إلى إيلاء حقوق الإنسان اهتماماً أكبر. لقد كان الإمام الخميني (قدس سره) يؤمن بأنه طالما هنالك حق الفيتو – الأسوء من قانون الغاب- للقوى الخمس العظمى في العالم فإن الأولولية والأفضلية ستكون لحقوق هذه القوى ولن يكون لحقوق الإنسان مكان في مثل هذا النظام.
بالرغم من أن دراسة وجهة نظر الإمام الخميني(قدس سره) بالنسبة لموضوع إعلان حقوق الإنسان تتطلب وجود كتاب مستقل ومفصل، إلا أنه من خلال قسم من خطابه الذي ذكر فيه الإعلان وحقوق الإنسان أكثر من عشر مرات نلاحظ رأيه الإيجابي حول مبدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك رأيه السلبي جداً بالنسبة للدول التي وقعت على ذلك الإعلان لكنها لا تتمسك وتلتزم بمضامينه. فيما يلي جزء من ذلك الخطاب:
إن جميع أنواع البؤس- الذي عانيناه ومازلنا نعانيه- هو بسبب زعماء هذه الدول الذين وقّعوا على إعلان حقوق الإنسان، فإنّ الموقّعين على إعلان حقوق الإنسان هم أولئك الذين سلبوا حرية الإنسان في جميع الأزمنة التي أمكنتهم فيها الفرص.
انّ الأهم في إعلان حقوق الإنسان هو حرية الأفراد، فكل فرد من افراد البشر حرّ، ويجب أن يكون حراً، وأن يكون الجميع متساوين إزاء القانون. الجميع يجب أن يكونوا أحراراً في بلدانهم، وأحراراً في عملهم، وأحراراً في مشيهم. هذا هو إعلان حقوق الإنسان المتضمّن لهذه المسألة. والمسلمون، بل جميع الناس، كانوا يعانون من هؤلاء الذين وقّعوا وصادقوا على إعلان حقوق الإنسان، وأميركا هي إحدى الدول التي صادقت على هذا الإعلان الذي يضمن حقوق الإنسان، وأحد حقوق الإنسان هو الحرية.
انظروا ماذا ارتكب هؤلاء الامريكيون الذين وقّعوا على إعلان حقوق الإنسان من جرائم على هذا الإنسان في السنوات الأخيرة، وأنا أتذكّرها أكثر منكم، لكبر سنّي. ماذا حصل للانسان من مشكلات على يد أميركا، وهي من الدول التي وقّعت على اعلان حقوق الإنسان؟ لقد نصّبت أميركا في كل من بلدان المسلمين مأموراً لها سلب حرية الناس في ذلك المكان.
هؤلاء ينادون بحرية الإنسان لتخدير الجماهير، غير أن الجماهير حالياً لا يمكن تخديرها، فالأمور التي يقومون بها- بما في ذلك إعلان حقوق الإنسان- يقصد منه استغفال الجماهير، تلك الأمور ليست حقيقة، وهم يكتبون شيئاً جميلًا مزخرفاً، يكتبون ثلاثين مادّة كلها لمصلحة الإنسان، ولا يعملون بواحدة منها! لا تطبّق واحدة منها عملياً، هذا هو الاستغفال، وهذا هو الأفيون للجماهير وللشعب. (صحيفه امام ج3 ص: 296)